hilarious

Friday, October 14, 2011

مصر.. الكرنفال - مي عزام - منقول من المصري اليوم

كيف غابت عن مصر روح الثورة بهذه السرعة؟! هل كانت حشود الثورة مجرد انتفاضة ومظاهرة غضب؟ وهل كان التلاحم الشعبى زيفا؟

منذ شهور قليلة كان دم المصرى غالياً، أما الآن فلقد هان، لم يكن أحد يفرق بين دم المسلم والمسيحى، فكلاهما شهيد، ولم نسمع فتوى أو رأياً يشكك فى شهادة المسيحى ولم يسأل أحد: هل سيدخل الجنة أم لا؟

فى الميدان كان الآلاف يهتفون للحرية والتغيير والعدالة الاجتماعية لم تفكر فئة أن ذلك حكر عليها وحق لها، بالأمس القريب حين كنا نتقاسم الخطر كما نتشارك الوطن، كنا مصريين وفقط، أم الآن وبعد أن زالت الغمة ونعمنا بحريتنا نسينا العهود ولم نعد نفكر سوى فى جمع الغنائم؟

لم تعد «مصرالجديدة» هى الهدف، بل نصيب كل جماعة وفئة من المكاسب، وكيفية الحصول على أكبر مساحة من خريطة «مصر الجديدة».

فى الميدان لم يكن أحد يفكر سوى فى العطاء، كان على استعداد للتضحية بروحه من أجل كرامة الوطن والمواطن، أما الآن فلم نعد نفكر سوى فيما سنحصل عليه طواعية أو قسرا دون أدنى تفكير فى خسائر الوطن والمواطن. الجميع يسعى لامتلاك الشارع والسلطة، من قبل كان هذا التفكير حكرا على الحزب الوطنى وقادته الذين سعوا لإقصاء الجميع لينفردوا بالساحة، الآن أصبح ذلك تفكير كل تيار وحزب وجماعة، كل منهم يتمنى أن ينفرد بالسلطة ويحصل على الأغلبية لتكون له اليد العليا فى قيادة البلاد والعباد.

نستيقظ كل يوم على اعتصامات ومظاهرات واحتجاجات، الكل فى يده ميكروفون ولائحة مطالب.. الجميع يعيش هاجس ضياع الفرصة، والخوف من أن يدخل المرحلة المقبلة بيد فارغة وينسى من جديد، لا يختلف الأمر بين العامة والخاصة من النخبة سواء المهنية أو السياسية، الصراخ والصوت العالى أصبح وسيلة للحصول على النصيب الأوفر من كعكة ما بعد الثورة والبديل عن الحوار الهادف لكيفية الخروج من المأزق الاقتصادى الذى نعيشه.

دقق النظر فيما يحدث حولك ستجد أننا تحولنا لمجتمع كرنفالات، سيرك كبير، كل مجموعة وفئة تؤدى فيه استعراضاً، هذا شجيع السيما وذلك مروض الأسود وذاك الرجل الكاوتشوك، والجميع فى انتظار من سيقود فى النهاية عربة الكرنفال ليسير بين الجموع مزهوا والمقود فى يده.

الإعلام فى هذه الفترة يشجع على ذلك، فلقد تحول لإعلام الموالد، قرب.. قرب واتفرج.. شوف الشجيع وهو بيكسر السلاسل الحديد، وعبدالسميع مروض الوحوش اللى بيحول ملك الغابة لقط وديع، وسنهورس اللى بيقلد النجوم والزعماء.. عندنا كل ما تتمناه.. ومش هتقدر تغمض عينيك.

بالفعل لم نعد نغمض عيوننا، ولكن ليس من متعة المتابعة ولكن من القلق والتوتر والخوف على مستقبل البلد. ما حدث أمام ماسبيرو هو عرض مأساوى من عروض الكرنفال، مثل مهرجان سان فيرمين بإسبانيا حين يطلقون الثيران فى الشوارع.. ولعل المتظاهرين قد تصوروا أن النيران المشتعلة وإطلاق الرصاص يمكن أن يزيد من سخونة العرض ولفت الأنظار.

لا أريد أن أسطح مشكلة الأقباط وحقهم فى أن يكونوا شركاء الوطن وليسوا مواطنين من الدرجة الثانية، يخفون الصليب ويحرمون من بناء الكنائس، ولكنى أحاول أن أفهم ما حدث أمام ماسبيرو فى سياق ما يحدث فى مصر كلها، فحين يتحول البلد لكرنفال دائم ومفتوح، كل شوارعه وميداينه مباحة فى كل وقت وأى وقت، وفى ظل غياب القائد والمنظم يتحول الأمر لفوضى تنم عن خلل فى الرؤية وعدم وجود استراتيجية واضحة للمرحلة، ويتساوى المسلم والمسيحى، فالجميع يصبحون ضحايا لمجتمع الكرنفال، وإن لم ننتبه لذلك فسنتحول لفرجة ومسلسل ممل، لن يجد له مشاهدين بعد فترة وسينصرف عنا الجميع، وفى تلك اللحظة لن ينفع الندم.. يا مصريون لا تبيعوا الوطن مقابل الكرنفال.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

eXTReMe Tracker
Powered By
widgetmate.com
Sponsored By
Apply for Amex